مقالات

يوم للإعلام ..وأين الإعلام ؟

قد ينظر البعيد عن مشهد الإعلام الرسمي مكتفياً بما يلتقطه مٌنتجاً أو ما يشبهه على تعب أهله وأيامهم المضنية ، وليس مطالبا البتة أن يستمع لمبررات أهل القطاع “صناعه” ، لا أقصد هنا من يقدمون أنفسهم “أوصياء” وتلكم إشكالية أخرى إجتيازها يتطلب إعادة نظر في منظومة بكاملها ، بما يمكن تسميته الآن تصريف إعلام بحكم تراكمات جمة ، لم يبرح التقليد فيها ثلة يعود لها فضل البدايات وميلاد عسير للتجربة ، ولم يستطع المتلاحقون رسم معالم طريق كان ليشكل مدرسة بعراقة نصف القرن ، على الرغم من نبوغ تجارب بعينها بين الفينة والأخرى وعلى إختلاف مقدرات كل فترة بشريا وماديا .

وبصرف البصر على جمالية العرض ومنهجيته ، الذان قُدما في يوم كان أقرب إلى كونه “يوم مفتوح على بعض إشكالات وزارة الاعلام في إدارة الخطاب وأدواته وعوامله المساعدة ” ، من إعتباره ندوة تشاركية تحمل مسؤولية الجميع إلتزاماتهم تجاه القطاع ، فالمؤسسة الإعلامية الوطنية هي حلقة من سلسلة متكاملة ، تبدأ من سلوكيات حملته وتتوج بجدوائية المنتج الذي بات صناعة بإستفاء شروط وأركان العمل الإعلامي ، حبيس نفسه ولو إلى حين .

الإعلام ليس فعلا آلياً بل علم قائم بذاته ، يستدعي تحديثاً دائماً ويستوجب المواكبة مع صون الخصائص التي بُني لأجلها ، لا أن يغدو ماكينة نُطرب لصوتها أياً كان رثُ ما تُنتج ، هذا إن أنتجت أصلا ، فيتحول مع التعود الممل والمعروض على رتابته بذرائع القدر ، حداً تظهر معه الأعمال الأخرى المتقنة على بساطتها جودة يصعب تحقيقها ، لنلجأ بحثاً عن الأعذار ، وتلك مصيبة من يقنع نفسه بما لا يمكن أن يكون أكثر من وصفه ضعفاً .

ففي وقت بات فيه للفرد إعلامه الذي يريد ، صناعةً وإنتقاءَ ونهلاً ، فإن تحديات التقنيات الحديثة وما توفره من رفاهية الإختيار ، تلزم صناع المجال وتحيلهم إلى نسق الجودة ونوعية ما يقدمون ، وإلا تصيح الآلة الإعلامية عالة على نفسها وداعميها وبخاصة حال عجزها عن تحقيق المردودية المطلوبة “صناعة الرأي ومسافة التأثير” ، لتطفو المسلمات شماعات لتعليق مكامن القصور وجر حبال التسويف حيث تتقطع تباعاً .

قد يسحب المتتبع واقع الأداء الإعلامي وطنيا ، ولا أرمي هنا وزارة الإعلام ومديرياتها التخصصية لوحدها ، وإنما المنظومة الوطنية بشكل عام ، والتي تُعنى ضرورة بالخطاب الإعلامي والذي تعد لبنته الأساس وتيرة الفعل وصناعه وسلوكياتهم ومماراستهم المساعدة أو المثبطة في آن ، إلى مسؤولية مشتركة وجامعة فرادى وجماعات ، إلى جعل قاطرة المعركة النفسية في صلب مساحات التأثير المحيطة ، وجعلها محركاً فعلياً للعملية برمتها ، وذلك لا يمكن تحقيقه إلا بالعمل على أسباب النجاح وحتما هي طريق تمر عبر إنتفاء أسباب نقيضه .

نفعي أحمد محمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى