مقالات

هل لا قطعت بطانة السوء علاقتها مع ملكها؟

غريبٌ أمرُ هؤلاء القوم في المغرب.
الحسن الثاني ملك المغرب الأقصى، و هو أحد دُهات الساسة في القرن العشرين، صدع بصوته من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة و الثلاثين سنة 1983 قائلاً: “قالت بلدان إفريقية عدة أنه لا بد من إجراء استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية… و في سنة 1982 ذهبنا شخصيا إلى نيروبي و اقترحنا رسميا أن يتم الاستفتاء في الصحراء و ذلك من أجل مصالحة إفريقية… و بمناسبة مؤتمر الأول في نيروبي أُتخذ قرار بالإجماع و بتوافق آراء رؤساء الدول و الحكومات بقبول إجراء استفتاء لتقرير المصير في الصحراء وفقا لرغبة و تعهد المغرب…”
و قبل ذلك بإحدى عشرة سنة، لما استقبل الحسن الثاني الرائد الركن عبد السلام جلود، عضو مجلس قيادة الثورة الليبي ( 1972 ) مصرحا له أن لا يضع ألغاما في طريقه، بل يكفيه ألغاما-إشارة إلى محاولتَي الإنقلاب الفاشلتين(1971 -1972) في المغرب، مصرحا بأن الصحراء الغربية ليست مغربية، و عبد السلام جلود ما زال حيا يرزق، و قد أكد ذلك في مقابلة له مؤخرا مع قناة فرانس 24 الأقرب للحكومة المغربية منذ نشأتها.
في سنة 1982 من على منبر منظمة الوحدة الأفريقية في نيروبي صرح الحسن الثاني بأنه سيقبل نتائج الإستفتاء في الصحراء الغربية و لم يقل أنها مغربية، و هو ما أُشيرَ له في الخطاب سالف الذكر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 1983.
أواخر سنة 1987 صرح الحسن الثاني للصحافة الفرنسية، و هو رجل مفوّه قائلا: “إذا اختار الصحراويون الإستقلال فإني سأفتح أول سفارة للمغرب في المدينة التي يختارونها عاصمة لهم.”
في منتصف يناير 1989, استقبل الحسن الثاني بقصره في مراكش-عاصمة المرابطين- وفدا من الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب، مكونا من ثلاث قادة من الجبهة، و هم على التوالي: البشير مصطفى السيد، المرحوم المحفوظ علي بيبا، ابراهيم غالي، و بعد انتهاء المحادثات المطولة، ودعهم الحسن الثاني رفقة ولي عهده حينها الذي بلغ السادسة و العشرين من عمره و الذي سيصبح ملكا على المغرب الأقصى بعد عشر سنوات من ذلك التاريخ، و الوقفة التوديعية كانت مصورة و بتعهد من الحسن الثاني أنها ستنشر إذا ما توصلنا إلى حل في المستقبل، و قد نكث بوعده و كذا من خلَفه في الحكم.
في سنة 1996 استقبل ولي العهد نفس الوفد في مدينة الرباط-عاصمة العلويين المحدثة بأمر من الماريشال اليوطي- و بعد مجاملات الترحيب صرح ولي عهد المملكة المغربية بأن الحكم ليس بيده و لكن بيد والده الحسن الثاني، و سينقل فحوى المحادثات إليه بأمانة، فلربما نكث هو الآخر بوعده.
فملِك المغرب الحالي محمد السادس اعترف بالجمهورية الصحراوية لما نشر احترامه للميثاق التأسيسي للاتحاد الافريقي و نشر ذلك في الجريدة الرسمية المغربية.
مع كل هذه الحقائق ما زال القوم من بطانة السوء في المغرب الأقصى يتنكرون لملوكهم و يسطادون في المياه العَكرة، فهل يستطيعون قطع علاقاتهم بملوكهم و لمَ لا يتهمونهم بالخونة، ألا يرعوُون!

بقلم: محمد الأمين أحمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى