همسة وفاء وإخلاص
ينتقد البعض منا من بينه دخلاء مغاربة كثر ينتحلون صفة ” الصحراويين ” خاصة على مواقع التواصل الإجتماعي ، ينتقد كل هؤلاء وبتفاوت واضح الركود الحاصل في مسار القضية الوطنية ، بل ويذهب المشبوهون منهم الى تخوين جبهة البوليساريو ونعتها بالفشل والتراجع ، ويستهدفون قيادتنا الوطنية بغية التشكيك في إخلاصها وخلق الهوة بينها وبين القاعدة الشعبية ، للتأثير في النهاية على وحدة التوجه العام وعلى جلاء التصور للمصير المشترك الذي يجمع كل الصحراويين إينما وجدوا.
مثل هؤلاء من المتشائمين الصحراويين والمندسين المغاربة تغيب الحقيقة في خطابهم التعبوي ، كونهم يقفزون على التاريخ المشرف لجبهة البوليساريو ، بل ويتجاهلون ما حققته هذه الحركة الوطنية الرائدة للشعب الصحراوي من مكاسب عملاقة وإنجازات باهرة على مدار مسيرة طويلة من المقاومة والصمود الأسطوري في مختلف مواقع الفعل والنضال ، وعليه فإنتقاد هؤلاء صدقت نيتهم أم خسئت ليس في محله إطلاقا ، ولا ينبني على أسس مقنعة مهما ذهبوا في تحاليلهم الضيقة وفي تفسيراتهم المغلوطة لواقع يبدوا أنهم بعيدون عنه كل البعد وغير ملمين بأبعاده وحيثياته الإستيراتيجية ، وبالتالي فدخول هؤلاء على الخط لن يؤثر على قافلة الشعب الصحراوي التي قوامها العزة بالنفس واليقن بعدالة القضية ، فهؤلاء المتخاذلون ومن يقف وراءهم لا يقرأون التاريخ ولا يأخذون العبر من نضالات الڜعوب وإرادتها المطلقة في العيش بأنفة وكرامة ، لذلك ترى نظرتهم قاصرة لما يدور حولهم ، بل ولا يفهمون طبيعة المتغيرات الطارءة على الساحة ولا أبعادها الجهوية ، الإقليمية والدولية على قضيتنا الوطنية ، ففي الوقت الذي يعرف فيه العالم بداية إرهاصات لميلاد نظام دولي جديد أخذت تتشكل ملامحه بعد عقود طوال من الظلم وهيمنة الغرب على كل شاردة وواردة ، يغفل هؤلاء معاناة المظلومين بغير وجه حق ويظنون أن ذلك سيظل هو مصيرهم الى الأبد ، اليوم وبالنظر الى الحرب التي تخوضها روسيا في أوكرانيا ، والتي تعتبر بمثابة عملية جراحية لإستئصال عقود من الظلم السافر والهيمنة المطلقة ، وإحلال محلها توازنا دوليا وقدرا من العدالة والإحترام المتبادل في عالم حكم عليه بقانون الغاب أكثر مما أحتكم فيه الى العقل البشري الذي يميز بين الحق والباطل ، بالنظر الى هذا كله أدركت الدول والشعوب المستضعفة وأصحاب القضايا العادلةفي مختلف أرجاء المعمورة ضرورة التشكل في إطار إتحالف يضم كل المظلومين والمضطهدين عبر العالم ، أو هكذا يبدو على الأقل من خلال مواقف بعض الدول التي كانت ترهبها أمريكا وبعض الدول الأوروبية في مرحلة ما ، وأبانت في الأخير عن مواقف لا تروق للغرب في ظل الحرب التي تشنها روسيا اليوم من أجل تقليم أظافر الغرب المتمددة نحو تخومها ونحو مصالحها في مختلف بقاع العالم .
إنطلاقا من هذه الرؤية ومن هذا التوجه ، علينا نحن الصحراويون كشعب مظلوم وصاحب قضية عادلة أن نعتبر أنفسنا من حلف المظلومين والمضطهدين بغير وجه حق ، وأن نعتز بأنفسنا وبحلفائنا الذين يقاسموننا مرارة الظلم وفظاعة الطغيان ، علينا أن نتأمل الوضع الحاصل في العالم اليوم لفهم إرتباط قضيتنا الوطنية بما يدور حولها جهويا ، إقليميا ودوليا ، وأن ندرس السياق الذي يجب أن نتبعه حفاظا على أهدافنا وعلى مصلحتنا الوطنية ، وبالتالي علينا ألا نستبق الأحداث أو نتعجل النصر ، فالأوائل من المؤسسين لنضالنا ولمقاومتنا المشروعة أعلنوها ثورة شعبية طويلة الأمد ، وما علينا سوى التمسك بعهد الشهداء والتحلي ببعد النظر والغوص في أبعاد الأحداث وقراءة الظروف الطارئة بتمعن ، هذا الى جانب تقوية لحمتنا الوطنية وتعزيز أسباب الصمود والمضي قدما نحو الهدف المنشود مهما تكن من مسافة دونه ، فالنصر حليفنا بإذن الله طال الدهر أم قصر ، لأننا وببساطة أصحاب حق مؤمنين ولا تعوزنا الإرادة في فرض خياراتنا الوطنية المشروعة ، المتمثلة في العيش بحرية وكرامة وفي تجسيد الدولة الصحراوية المستقلة على كامل ترابها الوطني .
هذه هي عقيدتنا الراسخة في النضال ، وهذه هي الروح التي ينبغي أن نسير بها نحو النصر المظفر إمتثالا لقوله تعالى : ” إن ينصركم الله فلا غالب لكم ” صدق الله العظيم .
بقلم : محمد حسنة الطالب