المغرب وحلم إزاحة الدولة الصحراوية من الاتحاد الإفريقي!
إطلعت في ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي، على جدول يفرز بين الدول الأفريقية التي تعترف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ، وتلك التي يعتبرها المغرب تقف إلى جانبه ، إما بحيادها أو بإنحيازها من خلال افتتاح قنصليات وهمية لها في المدن المحتلة من الصحراء الغربية ، الجدول فيه خانتين أيضا ، تضم الأولى الدول التي لم تعترف قط بالدولة الصحراوية ، بينما تضم الأخرى تلك التي سحبت إعترافها بها.
وفي هذا الإطار أردت توضيح بعض الاشياء التي يغفلها الذين ركبوا هذه الموجة وقد تنطلي عليهم طرهات نظام المخزن العالق في الوحل منذ زمن والباحث عن النجاة بعد أن تراكمت على رأسه المخاطر.
أولا المغرب دولة تعاني من مديونية كبيرة والسبب في ذلك الفساد الذي ينخرها بالإضافة إلى عدم توفرها على موارد طبيعية هامة كالغاز والبترول ، وكل ما يعتمد عليه الاقتصاد المغربي هو زراعة المخدرات وابتزاز أوروبا بملفات الهجرة والجريمة المنظمة بالإضافة إلى النهب الممنهج لثروات الصحراء الغربية والإستدانة المتكررة من البنك الدولي .
عائدات كل هذه المصادر لم تحسن من وضع الشعب المغربي المتردي ، الذي زادته كارثة التطبيع بين نظام المخزن وإسرائيل تأزما في مختلف المجالات ، بل وأججت حراك الشارع المغربي ضد هذه الخيانة النكراء للقضية الفلسطينية وما سببته من تهاون بمشاعر العروبة التي تسري في دماء المغاربة الأحرار.
هذه المظالم كلها أصبح يدركها الشعب المغربي اليوم ويحسها أكثر من أي وقت مضى ، حتى أصبحت سياسة النظام المخزني بالنسبة له أوضح من الشمس في كبد السماء ، وهذا ما تراه الدول الأفريقية التي وقع بعضها بدوره في شراك هذا النظام المارق من خلال سياسة شراء الذمم والمواقف التي لم تنفعها في التنمية وتطوير إقتصاداتها المتهاوية بسبب التخلف وقصر النظر لدى قادتها وحكوماتها .
وعليه فالمغرب خدع بعض الدول الأفريقية عن طريق الدعاية الإعلامية الكاذبة والإغراءات والمغالطات الزائفة التي لا صلة لها بواقعه المزري ، الذي يزداد سوءا وعزلة في ظل الوضع الدولي الحالي ، ويكفي أن له الآن مشاكل مع دول المغرب العربي ومع فرنسا حليفته التقليدية وحتى مع إسرائيل حليفته المعلن عنها حديثا .
أعتقد من هذا المنظور أن الدول الأفريقية أصبحت تعرف أين تكمن مصلحتها لا سيما في هذه المرحلة التي أصبح يتشكل فيها العالم في إطار نظام دولي جديد قد يكفل لكل ذي حق حقه ، بعيدا عن الهيمنة الأمريكية ولغط النظام المغربي وحبائله المبرمة تجاه الإتحاد الإفريقي وشعوبه التي يتاجر بأبنائها في جيوب سبتة ومليلية على الحدود مع إسبانيا ، وما المجازر التي حدثت في صفوف المهاجرين الأفارقة وما لقوه من معاملات لا إنسانية على يد قوات الأمن المغربية هناك ، إلا مؤشر واضح لمن لم يستوعب الدرس بعد ، من الدول الأفريقية التي هزتها زوابع النظام المغربي وجعلت أنظمتها ترنو الى مصالحها الخاصة بدلا من مصالح شعوبها التواقة إلى الرقي والإزدهار .
ومما لا شك فيه والحالة هذه، أن الظلم والخيانة وجهان لعملة واحدة وحبلهما قصير حسب تجارب الحياة ، بينما العهد والوفاء كنزان ثمينان لا يدرك قيمتهما إلا الأحرار والنبلاء ، وتلك هي القيم والمبادئ التي تعد أبعد ما تكون من أن تشتريها تلك العملة المغربية الكاذبة والرائجة على غير إستحياء ، وعلى هذا الأساس فلا أظن أن الدول الأفريقية بعد أن تبين لها الخيط الابيض من الأسود في توجه النظام المغربي ، ستنخدع مجددا بسياسة فرق تسد التي ينتهجها هذا النظام الفاسد منذ إنصمامه إلى الإتحاد الإفريقي ، وبالتالي فالقضية الصحراوية في هذا الصدد في مأمن كامل لا سيما من حيث إحترام قرارات ومواثيق الشرعية الدولية التي هي الأساس ، أو من حيث الدعم الذي تحظى به من قبل حلفائها الكبار في إفريقيا وحرصهم الشديد على تلاحم دول القارة في وجه كل المخاطر ، أو من حيث إصرار الشعب الصحراوي المناضل على تحقيق خياراته المشروعة في تعزيز مكانة دولته عبر العالم وفرض إستقلالها على كامل ترابها الوطني مهما تكن الظروف والتحديات ومهما قد يكلف ذلك من ثمن .
بقلم : محمد حسنة الطالب