مقرب من صديق ملك المغرب, صراع الصحراء الغربية حسم.
جاء في دراسة استقصائية مطولة تحت عنوان : ” الاستفتاء وتقرير المصير في الصحراء الغربية”, للكاتب و المحلل السياسي المغربي سعيد الوجاني المقرب من صديق ملك المغرب عالي الهمة, مايلي :
اذا كان النظام المغربي يعتبر الصحراء مغربية ، لماذا هاجم جيش التحرير المغربي الصحراوي في 10 ابريل 1958 ، ما دام انّ الجيش كان ذاهبا في عملية التحرير . وهنا لا نزال نتذكر إعلان الحسن الثاني في خطاب العرش في سنة 1967 ، حين قال العبارة الخطيرة التي تبين موقف النظام من الصحراء ” انّ على الصحراويين ان يتحملوا مسؤولياتهم في تحرير بلادهم ” ، ” وانه والشعب المغربي مستعدون لمساعدتهم ” . أليس ما جاء في خطاب السلطان في سنة 1967 ، سنة النكسة في الشرق الأوسط التي كان وراءها مؤتمر القمة العربي في سنة 1965 بالدارالبيضاء ، اعتراف صريح من قبله بان الصحراء ليست مغربية ، وانها لشعب الصحراء الذي اعترف به السلطان محمد السادس عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 ، ونشر اعترافه متحديا الرعايا في الجريدة الرسمية للدولة العلوية السلطانية المخزنية عدد : 6539 ؟ . فماذا حين يقول السلطان الحسن الثاني للصحراويين ” انه والشعب المغربي مستعدون لمساعدتهم ” عند دعوته لهم ” انّ على الصحراويين ان يتحملوا مسؤولياتهم في تحرير بلادهم ” ولم يقل في تحرير الصحراء المغربية …
فحين يصرح السلطان الحسن الثاني وفي خطاب العرش ، وينفي اية علاقة للمغرب مع الصحراء ، ويؤكد على ضرورة تحميل الصحراويين لمسؤولياتهم ، وانه والشعب المغربي مستعدون لمساعدتهم ، فان هذا الخطاب كان في اصله نافيا لمغربية الصحراء ، خاصة وان المشكل الموريتاني لا يزال مداده لم ينشف بعد .. فبعد رفضٍ بالاعتراف بالجمهورية الموريتانية ، عاد النظام المخزنولوجي واعترف بها امام العالم ، دون استشارة الشعب المغربي باستفتاء يحدد فيه موقفه من القضية الموريتانية ..
في سنة 1982 ، وفي خضم الحرب المشتعلة في الصحراء ، وكانت تهدد اصل الحكم ، وبسبب انتفاضة 9 يونيو 1981 في الدارالبيضاء ، سيفاجأ الحسن الثاني العالم ، ومن قلب منظمة الوحدة الافريقية في نيروبي عاصمة كينيا ، بقبوله الاستفتاء وتقرير المصير في الصحراء ، طبقا للإجراءات الدولية ، وتحت اشراف الأمم المتحدة ، ومنظمة الوحدة الافريقية .. فالقبول بالاستفتاء هذا يعني ان النظام لا يتعرف بمغربية الصحراء ، وان الذي سيحدد جنسيتها هي نتيجة الاستفتاء الذي ينتظره الجميع .. فاذا صوت الصحراويون لصالح الاستقلال يقول السلطان ” أنا اول من سيعترف بهم ” ، واذا كانت نتيجة الاستفتاء لمغربية الصحراء ، فهذا سيكون تحصيل حاصل لنتيجة عملية الاستفتاء ..
وبعد ان انقلب السلطان على حل الاستفتاء وتقرير المصير ، حين اخرج بدعة لم يسبق للقانون الدولي ان سمع بها ، وهي الاستفتاء التأكيدي الغير موجود في القانون الدولي .. سينتقل النظام الى مرحلة اكثر خطورة حين قبل باتفاق الاطار الذي اعده جميس بيكير James Becker ، وينص على حل نهائي من خلال محورين متناقضين .
المحور الأول هو تطبيق حكم ذاتي لمدة خمس سنوات ، والمحور الثاني ، هو تنظيم استفتاء عام تحت اشراف الأمم المتحدة ، مباشرة بعد انتهاء الخمس سنوات من مرحلة الحكم الذاتي .
ان قبول النظام بالحكم الذاتي في مخطط Becker ، يعني ان النظام من يشكك في مغربية الصحراويين ، وليس هؤلاء من يشكك في مغربيتهم . ان القبول بالحكم الذاتي يعني ان لسكان الصحراء لغتهم الخاصة بهم ، عاداتهم ، تقاليدهم ، تاريخهم .. أي انهم يختلفون عن الشعب المغربي المُغيب الرئيسي في هذا الصراع الذي استفرد به القصر لوحده ، وكانت نتيجته كما هو ملاحظ اليوم ، منْ ان المجتمع الدولي هو مع حل الاستفتاء من حيث المبدأ العام ، لكن وبطريقة سلسة يتعامل مباشرة مع دولة الجمهورية الصحراوية من خلال اللقاءات المختلفة التي تحصل بين المنتظم الدولي ، والاتحاد الافريقي ، وبين الاتحادات القارية ، وبين الاتحاد الافريقي كما حصل في اجتماع Ticad ثماني مرات ، وفي لقاء Bruxelles ، وكما يجري بالأمم المتحدة وتحت اشرافها من لقاءات ، بين النظام المغربي ، وبين الصحراويين كجبهة وكجمهورية .. فهل ممكن تغطية اشعة الشمس بالغربال ؟ ..
انّ القبول بحل الاستئناف وتقرير المصير بعد انتهاء فترة الحكم الذاتي ، يعني ان النظام لا يعترف بمغربية الصحراء ، وان الذي سيحدد جنسيتها هل هي مغربية او ليست مغربية ، هي نتيجة الاستفتاء الذي سيعبر فيه الصحراويون عن ارادتهم الحرة ، تحت انظار واشراف الأمم المتحدة ..
لكن بعد ان تأكد النظام من ان نسبة المصوتين لصالح الاستقلال ستتعدى 99 في المائة، وبما ان ذهاب الصحراء يعني حتمية سقوط النظام ، تملص من اتفاق الاطار وكأنه لم يكن قط .. ومن دون مسائلة دولية عن الاخلال بالتزام قطعه على نفسه ، وعن التراجع عمّا سبق ان قبله في السابق ، وكأن ما حصل كان فقط لعب أطفال ..
واستمراراً في نفس الأخطاء الجيوستراتيجية للنظام ، سيفاجئ العالم والشعب المغربي الذي يجهل أي شيء عن نزاع الصحراء ، بحل الحكم الذاتي في ابريل 2007 . ورغم ان نفس النتائج السياسية سيتم الاعراب عنها من حل الحكم الذاتي كما جاء في اتفاق الاطار ، فان المجتمع الدولي ، مجلس الامن ، الجمعية العامة للأمم المتحدة ، الاتحاد الأوربي الذي اضحى يتعامل مع الجمهورية الصحراوية كواقع ، وكمحصلة ، ونتيجة ، وامر واقع فرض نفسه بنفسه ، والاتحاد الافريقي الذي تعتبر الجمهورية الصحراوية احد اطرافه الأساسيين الذين اسسوه ، عندما ساهمت في تحرير قانونه الأساسي الذي صوت له النظام المغربي حتى ينال العضوية بالاتحاد المذكور .. فالمنتظم الدولي تجاهل خرجة الحكم الذاتي ، وظل مرة متشبثا بالاستفتاء وتقرير المصير ، ومرات يتعامل مع الجمهورية الصحراوية ككيان دولة ، رايتها ترفرف في سماء العديد من الدول ، وفي سماء الاتحادات القارية ..
لكن درجة الخطورة التي غيرت كل شيء ، لان النظام قامر على أشياء لم تتحقق ، كدخوله الاتحاد الافريقي لطرد الجمهورية الصحراوية ، هو حين اعترف بالقانون الأساسي للاتحاد الافريقي حتى يصبح عضوا به .. والقانون ينص بصريح النص ..” كل دولة تريد الانضمام الى الاتحاد الافريقي ، عليها ان تعترف بكل مكوناته .. ” ، وطبعا الجمهورية الصحراوية مكون أساسي بالاتحاد الذي زاد تشبتا بها ، وزادت مشاركتها في اللقاءات الدولية ، حيث رفرف علمها عاليا في سماء Bruxelles ، وباليابان ، وفي Le Havre ، وفي سماء تونس العاصمة التي أصبحت تعترف بالجمهورية الصحراوية ، مثل اعتراف الجمهورية الموريتانية بها .. ورفرف اليوم العلم الصحراوي عاليا ، بقلب البرلمان الفرنسي بحضور الثائرة سلطانة خيّا التي تمسكت بمبادئها ، وما بدلت تبديلا .
ان اعتراف النظام بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في 20 يناير 2017 ، كان من جهة اعترافا من النظام المغربي بعدم مغربية الصحراء ، لأنه لا يعقل الجمع بين الاعتراف الصريح المدون امام العالم ، وبين عدم الاعتراف للاستهلاك الداخلي ، وللتعطيل اتقاءً لنتائج استقلال الصحراء .. ومن جهة يكون النظام المغربي قد اعترف صراحة بجزائرية الصحراء الشرقية التي اعترفت بها الدولة السلطانية العلوية في سنة 1994 ، بعد اعتراف نظام الحسن الثاني بها في سنة 1971 .. ويكون الاعتراف بالحدود المورثة عن الاستعمار اعترافاً بإسبانية سبتة ومليلية والجزر الجعفرية .. وقد ظهر هذا جليا من تصريح Pedro Sanchez ومن داخل قصر السلطان .
ان واقع الجمهورية الصحراوية اصبح فارضا نفسه بإلحاح في الساحة الدولية ، ولو لم يكن الاتحاد الأوربي يعترف بها ، هل كان ان يستقبلها في Bruxelles كدولة ، ويستقبل إبراهيم غالي كرئيس للجمهورية ، وترفرف رايتها عاليا في سماء عاصمة الاتحاد الأوربي ..
ولو لم تكن فرنسا التي اثنت على رئيس قيس سعيد عند استقباله إبراهيم غالي ، واعترافه بالجمهورية الصحراوية ، تعترف بها ، هل كان ل Emanuel Macron ان يستضيف إبراهيم غالي كرئيس لدولة الجمهورية الصحراوية الى جانب محمد السادس ، وراية الدولتين ترفرفان بالتساوي في اليابان ، وفي فرنسا ، وفي Bruxelles ، ولو لم تكن الأمم المتحدة تعترف بالصحراويين كحركة تحرير وكجمهورية ، هل كان سيكون للصحراويين مكتب بالأمم المتحدة ، ومكتب بواشنطن ، ومكاتب وممثليات بجميع العواصم الاوربية والدولية . وماذا يعني لقاء المبعوث الشخصي للأمين العام Steffan de Mistura منذ يومين إبراهيم غالي بتندوف الجزائرية . هل استقبله كرئيس حركة تحرير مسلحة تخوض حربها الثانية منذ 13 نونبر 2020 ، او استقبله كرئيس للجمهورية ورئيس دولة .. فالطريقة التي اجتمع بها إبراهيم غالي ، مع De Mistura ، وطريقة الجلوس تفسر ان Steffan de Mistura حين كان يجالس غالي ، فهو كان يجالس رئيس دولة ، وليس زعيما لحركة تحرير يعترف بها النظام المغربي نفسه ، عند اعترافه بالجمهورية الصحراوية ..
ان الدعوة الى الاستفتاء وامام هذا الواقع الفاقع للاعين ، اصبح فقط شكليا وإجرائيا ، لتثبيت واقع / مشروعية الجمهورية الذي اصبح فارضا نفسه بقوة في الساحة الدولية ..
لقد ارتكب النظام المغربي أخطاء جيوستراتيجية ، وابرزها حين اقتسم الصحراء كغنيمة مع موريتانية التي طعنته في الظهر عندما اعترفت بالجمهورية الصحراوية ، وعندما احتفظت ب ” الگويرة ” ، ولا تزال تحتفظ بها عندما انسحبت موريتانية من إقليم وادي الذهب الذي دخله النظام المغربي في سنة 1979 .. وماذا عن الثلث من الأراضي التي يسيطر عليها جيش الجبهة امام انظار النظام المغربي المتمترس وراء الجدار ، وامام اعين المينورسو العاقرة ، والأمم المتحدة .. وماذا عن تجاهل اعتراف Trump بمغربية الصحراء من قبل الإدارة الامريكية ، وتركيزها على حل الأمم المتحدة الذي يعني الاستفتاء وتقرير المصير ؟
ان توقيع النظام السلطاني المخزنولوجي لاتفاق وقف اطلاق النار مع الصحراويين في سنة 1991 ، وتحت اشراف الأمم المتحدة التي ضمنت تطبيق بنود الاتفاق المذكور الذي نشأت عنه ” هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية ” ” المينورسو ” La minurso ، كان اعترافا صريحا من قبل النظام السلطاني بجبهة البوليساريو كحركة تحرير مسلحة وقّع معها وقف اطلاق النار ، واعترافا بدولة الجمهورية الصحراوية التي تنازعه ارض الصحراء الغربية ، لان توقيع الاتفاقيات على غرار اتفاق 1991 ، وتحت الاشراف المباشر للأمم المتحدة يحصل فقط بين الدول ..
فمن المسؤول عن النكبة من 1975 وحتى 1999 ، وعن النكسة من 1999 والى 2022 التي اصابت الصحراء ؟ انه النظام السلطاني المخزني وحده .. اما الشعب فهو خارج هذا الصراع الذي تم تهميشه فيه .. فلا تزر وازرة وزر أخرى .. والجميع ينتظر الحساب في النهاية الصراع ..