اخبار عامة

الكاتب والمحلل السياسي المغربي سعيد الوجاني: “من حرر الخطاب كان يكذب على السلطان المريض، او انه جاهل خارج التغطية”. 

نشر الكاتب والمحلل السياسي المغربي سعيد الوجاني مقالا  بموقع ” الحوار المتمدن” جاء فيه :

 “بمناسبة مرور تسع وستين سنة عن ثورة ( الملك والشعب ) ، القى جلالة السلطان خطابا ركز فيه على محورين ، محور الجالية المغربية خارج الوطن ، ومحور نزاع الصحراء الغربية .
ما يهمنا نحن كمحللين مهتمين بالشأن العام لبلدنا ، هو المحور الثاني المتعلق بنزاع الصحراء الذي دام سبعة وأربعين سنة ، دون حل ، وكأن اطراف النزاع لا تزال في البداية الأولى للنزاع سنة 1975 .
سأناقش الخطاب من دون تحليل ، لان ليس هناك جديد يوجب ويستحق التحليل .
أولا ان نقاشي لا ينصب على السلطان المريض شفاه الله ، لأنه وكما جرت العادة قرأ ما قدموه له للقراءة . لكن سنناقش الفريق ، او الاشخاص ، او الشخص الذي يكون قد حرر الخطاب ، لان مضمون الخطاب الذي اكتفى السلطان بقراءته ، دليل ان محرره خارج التغطية ، ويجهل بالمطلق التطورات التي أصبحت معطيات ، ويجهل الوضع القانوني الدولي الذي يحكم الوضع النهائي للصحراء ..
فان يربط محرر الخطاب ، علاقات الدولة السلطانية المخزنية بالعالم ، بموقفها من نزاع الصحراء ، ويعتبر الصحراء هي الزاوية التي يطل منها المغرب على العالم الخارجي ، ويضع هذا العالم بين اختيار أطروحة مغربية الصحراء ، وبين الشراكة مع المغرب ، لهو تعجيز وخروج انتحاري ، سيدحض في اول منعرج الربط بين مغربية الصحراء ، وبين علاقات الصداقة والشراكة مع الأمم والدول .. لان ما جاء من تهديد مكشوف وغير مبطن ، سيضع النظام السلطاني المخزني امام امتحان عسير ومعقد ، بسبب الخلل في القوة ، وفي التوازن بين النظام السلطاني المخزني ، وبين الاتحادات القارية والدولية ، التي تتحكم في العالم ، وهي من يصنع القرار السياسي الذي يضبط ويفرمل حدود العلاقات الدولية ، المبنية على القوة الاقتصادية ، والأيديولوجية ، والرقمية ، والعسكرية . فهل الدولة المخزنية البوليسية المغربية ، التي تهدد حين تفرض رسم حدود العلاقات من خلال منظار نزاع الصحراء ، في مستوى قوة الاتحادات القارية ، وفي مستوى قوة الدول الكبرى ، وهي التي تخوض حربا منذ 13 نونبر 2020 ، ضحاياها أبناء فقراء الشعب المغربي من جنود وضباط صف المرابطين في الصحراء .
ان اشتراط تحديد الصداقة والشراكة مع الدول من خلال منظار الصحراء ، يعني ان من حرر الخطاب يكون قد وضع المغرب في موقف العداء مع الدول ، ويكون قد حكم عليه بالعزلة التامة ، اكثر من العزلة التي يعيشها الآن بسبب ملف حقوق الانسان ، واختلاس أموال الشعب المفقر ، وتكديسها خارج المغرب بدول من يهدد النظام بحرمانهم من الشراكة ، وبفقد صداقتهم معه ، وملف الصحراء الذي يجهل من حرر خطاب السلطان المقروء ، وضعه القانوني الأخير .
فمن جهة عندما نريد تحديد مواقف الدول من نزاع الصحراء الغربية ، فالأجدر انْ نكون عارفين بكل التطورات التي حصلت ، وبموقف الدول والاتحادات من النزاع ، وموقف الأمم المتحدة من مجلس الامن ، الى الجمعية العامة اللذان يمسكان الملف بأيديهما كنزاع لا يزال مستمرا ، ومفتوحا ، وينتظر حلا وقته اضحى يقترب ..
— فاذا رجعنا الى الاتحاد الافريقي ، سنجد ان الجمهورية الصحراوية هي عضو فيه ، كسائر الدول الافريقية ، وبما فيها الدولة السلطانية المخزنية التي اعترفت صراحة بالجمهورية الصحراوية ، حتى تصبح عضوا بالاتحاد الافريقي في 31 يناير 2017 ، واعترافها نشرته بالجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد 6539 .
فعندما تجلس الدولة السلطانية المخزنية جنبا لجنب مع الدولة الصحراوية ، فكيف للدولة السلطانية فرض اختياراتها ، وشروطها ، واملاءاتها على دول الاتحاد الافريقي المناصرة للجمهورية الصحراوية .. فهل التهديد بربط الصداقات ، وبناء الشراكات ، مرهون بتحديد الموقف من الدولة الصحراوية ، والحال ان كل الدول الافريقية تربطها علاقات متينة معها . فهل التهديد ، وهو اعلان بالتشديد وبتجذير الموقف ، يعني ان الدولة السلطانية ستمارس المقعد الفارغ ، وتنسحب من الاتحاد الافريقي كما فعلت عند انسحابها من منظمة الوحدة الافريقية في سنة 1984 .. أي سيصبح وضع الدولة المخزني ضد مجموع دول الاتحاد الافريقي . ولعمري ان هذا التصرف ، ولو انه مجرد تهديد ، فانه ينم عن الضعف والجهل ، او ان صاحبه المدرك بحقيقة الصراع ، يخفي ضعفه بالهجوم المصطنع ، سيجعل النظام المغربي في وضع يا ريث يصل الى وضع الانسحاب في سنة 1984 من منظمة الوحدة الافريقية .. فالوضع اليوم مع اقتراب الحل الذي لن يتعدى السنتين القادمتين وربما اقل ، سيجعل الدولة في موضع اكثر من حرج .. العزلة اكثر من عزلة اليوم .
— واذا رجعنا الى الاتحاد الأوربي ، فالوضع اخطرا ، وخطاب التهديد لن يجدي نفعا ، ولن يخيف ، ولن يغير من موقف الاوربيين الذي اصبح واضحا ، وهو الالتزام بالمشروعية الدولية ، التي تعكسها قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة . كما ان الرفض الأوربي الصريح لاعتراف Trump بمغربية الصحراء ، والدعوة لحل النزاع في اطار الأمم المتحدة لأنه من اختصاصها ، ورمي الرئيس الأمريكي John Biden اعتراف Trump في المزبلة ، وتأكيده على الأمم المتحدة ، وقراراتها ، وتأكيده على تعيين مبعوث شخصي للأمين العام بملف نزاع الصحراء الغربية .. يجعل من خطاب التهديد الذي القاه السلطان مجرد زوبعة في فنجان ، لأنه مجرد من القوة المالية ، والاقتصادية ، والرقمية ، والعسكرية التي يملكها الاتحاد الأوربي ضمن الاتحاد كقوة مالية واقتصادية ، وقوة الاتحاد مع قوة الولايات المتحدة الامريكية ضمن الحلف الأطلسي كقوة عسكرية .. فهل من حرر الخطاب يدرك حجمه الحقيقي ، عندما يشترط الاعتراف بمغربية الصحراء من قبل الاوربيين ، ومن قبل الامريكان ، للظفر بالصداقة وبالشراكة .. وهي الشروط التي عجزت روسيا والصين الدولتين العظيمتين الالتزام بها .. فهل الدولة السلطانية في نفس مستوى الاتحاد الأوربي ، والولايات المتحدة الامريكية .. ام انه الانتحار عن طيب خاطر ..
وماذا عن العلاقات مع روسيا ، وكندا ، والصين الذين يتمسكون بالحل الاممي ، وبالأمم المتحدة ، ويؤكدون على القرارات الأممية .. هل ستصبح علاقات الدولة السلطانية معهم مبنية من خلال منظار الصحراء التي مواقفهم منها واضحة ولا تحتاج الى جدال ، اللهم الفهم الخارق لمن حرر الخطاب الذي القاه السلطان ..
— ثم ماذا عن قرارات محكمة العدل الاوربية في جميع درجات تقاضيها ، التي حكمت بإبطال الاتفاقيات المبرمة في الميادين الاقتصادية ، والزراعية ، والبحرية / الأسماك / ، والتجارية بخصوص ثروات المناطق المتنازع عليها امميا ..
— ثم ماذا عن مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة ، اللذان يعقدان دورات سنوية منتظمة ، لبحث نزاع الصحراء الغربية بين الدولة السلطانية المخزنية ، وبين الجمهورية الصحراوية التي يتعاملون معها مثل تعاملهم مع الدولة المغربية .
وكيف يفهم من حرر الخطاب ، صدور قرارات من مجلس الامن ، ومن الجمعية العامة سنويا ، تدعو اطراف النزاع الى الدخول في حوارات ومفاوضات مباشرة ، لإيجاد حل سياسي متفق عليه ومقبول ، يؤدي الى تقرير المصير بالمنطقة . وانّ مجرد القول بمصطلح تقرير المصير، دلالته انّ الأمم المتحدة وكما شرعت تعتبر مسألة نزاع الصحراء الغربية ، قضية تتعلق بتصفية الاستعمار ، حلها يكون بالاستفتاء وتقرير المصير .
واذا كان محرر خطاب السلطان الذي اكتفى بالقراءة ، يعتبر ان النزاع انتهى ، وانّ على العالم التعامل مع الصحراء في لباسها المغربي ، فكيف يفسر ان الصراع والنزاع لا يزالان وكأننا في سنة 1975 . ماذا حين يتخذ الاتحاد الأوربي قرارات ضد مغربية الصحراء ، ويدعو الى الأمم المتحدة ، والقرارات الأممية .. خاصة وانْ لا دولة اوربية تعترف بمغربية الصحراء ، باستثناء اعتراف Pedro Sanchez وحزبه الذي كان اعترافه بالحكم الذاتي ، خلاصا من وضع تعاني منه الشركات الاسبانية . فاعتراف Sanchez لن يغير شيئا من موقف الاتحاد الأوربي المعارض لمغربية الصحراء ، خاصة عندما وقف الاتحاد كرجل واحد عند رفض اعتراف Trump المقلب بمغربية الصحراء .
واذا كان نزاع الصحراء قد تم حسمه ، وان على الدول التعامل مع الصراع من هذه الزاوية ، فكيف يفهم صاحب النص المحرر الذي القاء السلطان ، مواصلة الأمم المتحدة في شقيها مجلس الامن والجمعية العامة ، النظر في النزاع مرة حتى مرتين في السنة ، مع تدويل الاجتماع بقرارات تصدر في الشأن .. وما الفائدة من تعيين مبعوث شخصي للأمين العام بملف الصحراء ، والقيام بزيارات للمنطقة ، والاتصال بأطراف النزاع ، اذا كان ملف الصحراء قد طوي نهائيا ، وان على العالم ان يتعامل على هذا الأساس تحت طائلة فقدان صداقة النظام المغربي ، وتحت طائلة الحرمان من الشراكة لنهب ثورة المغاربة المفقرين ..
— ثم كيف يفسر من حرر الخطاب موقف الاتحاد الأوربي الذي استقبل إبراهيم غالي كرئيس لدولة هي الجمهورية الصحراوية ، التي رفرف علمها عاليا الى جانب علم الدولة المخزنية البوليسية ، وعلم الدول الافريقية ، والدول الاوربية في سماء عاصمة الاتحاد الأوربي Bruxelles .. فعلى من يكذب من حرر خطاب السلطان ؟ .
ان من حرر الخطاب كان يكذب على السلطان المريض ، او انه جاهل خارج التغطية لا علاقة تجمعه بآخر التطورات والوضع القانوني الذي اصبح عليه نزاع الصحراء ..
فهل الدولة السلطانية المخزنية البوليسية ستنتصر لوحدها على العالم .. ؟
ان الصراع لن يتعدى السنتين القادمتين ، وربما اقل اذا حصل الفراغ الكبير في الحكم ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى