اخر الاخبارسياسة

رئيس الجمهورية يؤكد للأمين العام للأمم المتحدة أن جبهة البوليساريو لن تقبل أبداً أي مقاربة تنحرف عن خطة التسوية الأممية الأفريقية 

بعث اليوم رئيس الجمهورية الصحراوية والأمين العام لجبهة البوليساريو، السيد إبراهيم غالي، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، ضمنها موقف الطرف الصحراوي بشأن عدة عناصر واردة في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير عن الحالة فيما يتعلق بالصحراء الغربية.

وأعرب رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة من جديد عن استنكار السلطات الصحراوية البالغ للصمت المتواطئ وغير المبرر للأمانة العامة للأمم المتحدة واحجامها الذي لا مبرر له عن تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية ومحاسبة دولة الاحتلال المغربي على عواقب انتهاكها الموثَّق لوقف إطلاق النار لعام 199 واستمرار عملها العدواني على الشعب الصحراوي. 

وذكر رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة بقرار جبهة البوليساريو المؤرخ 30 أكتوبر 2019 بخصوص إعادة النظر في مشاركتها في عملية السلام ككل وبتأكيدها على أنها لن تقبل أبداً أو تدعم أي مقاربة تنحرف عن خطة التسوية التي قبلها الطرفان أو تسعى إلى تجاوز الطبيعة القانونية لمسألة الصحراء الغربية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة كقضية تصفية استعمار. 

وفي الختام، أكد رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة التزام جبهة البوليساريو بالمساهمة في التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم لإنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية وفقا لمبادئ الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ذات الصلة وعلى أساس الولاية التي أنشئت من أجلها بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو). 

النص الكامل للرسالة كما توصلت بها وكالة الأنباء الصحراوية.

السيد أنطونيو غوتيريش
الأمين العام للأمم المتحدة
الأمم المتحدة ، نيويورك
بئر لحلو ، 14 أكتوبر 2022
السيد الأمين العام،

تأخذ جبهة البوليساريو علما بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة المؤرخ 3 أكتوبر 2022 عن الحالة فيما يتعلق بالصحراء الغربية (S/2022/733)، وتود أن تسجل موقفها بشأن عدة عناصر واردة في التقرير. 

تعرب جبهة البوليساريو مرة أخرى عن بالغ استنكارها للصمت المتواطئ وغير المبرر للأمانة العامة للأمم المتحدة واحجامها الذي لا مبرر له عن تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية ومحاسبة دولة الاحتلال المغربي على عواقب انتهاكها الموثَّق لوقف إطلاق النار الذي دام قرابة 30 عاما كجزء لا يتجزأ من خطة التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية التي قبلها الطرفان، جبهة البوليساريو والمغرب، في أغسطس 1988 وصادق عليها مجلس الأمن بالإجماع في قراريه 658 (1990) و 690 (1991). 

وكما أكدنا بشكل قاطع في رسالتنا الموجهة إليكم في 18 أكتوبر 2021، والتي عُمِمت كوثيقة من وثائق مجلس الأمن (S/2021/980)، فإن دولة الاحتلال المغربي هي التي نقلت قواتها المسلحة إلى ما كان يسمى آنذاك الشريط العازل في الكركرات بالأراضي الصحراوية المحررة لمهاجمة مجموعة المدنيين الصحراويين الذين كانوا يحتجون سلميا في المنطقة ضد الاحتلال المغربي غير الشرعي لبلدنا.

إن قوات دولة الاحتلال المغربي هي التي عبرت خط وقف إطلاق النار واحتلت بشكل غير قانوني المزيد من الأراضي الصحراوية وشيدت، كما ذكرتم في تقريركم (S/2021/843، الفقرة 35)، “جدارا رمليا جديدا بطول 20 كيلومترا تقريبا في الكركرات” و “عززت وجودها على حوالي 40 كم2 من الأراضي في الشريط العازل”. كما أن دولة الاحتلال هي التي أعلنت بتحدٍّ أن أعمالها في الكركرات “لا رجعة فيها” (S/2021/843، الفقرة 23).

ألم يكن نقل قوات دولة الاحتلال المغربي إلى ما كان يسمى آنذاك بالشريط العازل انتهاكا، بل نسفا لوقف إطلاق النار لعام 1991 والاتفاقات العسكرية ذات الصلة؟ ألم يكن الاحتلال غير الشرعي لمزيد من الأراضي الصحراوية وبناء المزيد من الجدران الرملية في الكركرات وأماكن أخرى خرقا لوقف إطلاق النار لعام 1991 والاتفاق العسكري رقم 1 الذي نص على حظر دخول القوات المسلحة لكلا الطرفين، براً وجواً، إلى الشريط العازل (3-1) وبناء جدران جديدة (من الرمل أو الحجر أو الخرسانة) (3-2-1)؟

إن الجواب واضح جدا، السيد الأمين العام، ويشير إلى حقيقة لا يمكن إنكارها يشهد عليها التطور السريع للأحداث على الأرض وعواقبها الملموسة. إن دولة الاحتلال المغربي هي التي تسببت في “انهيار وقف إطلاق النار” على النحو المعترف به في قرار مجلس الأمن 2602 (2021، الفقرة 14 من الديباجة). هذه هي الحقيقة الناصعة وهذه هي حقيقة الوضع، ولا فائدة من التلاعب بالألفاظ حول هذا الموضوع.

ومع ذلك، اختار الأمين العام والأمانة العامة للأمم المتحدة مرة أخرى التزام الصمت إزاء هذه الحقيقة حتى عندما يعترف التقرير مرة أخرى ب “استئناف الأعمال العدائية” (S/2022/733، الفقرات 2 و 51 و 89 و 94) ويشدد على أن “استمرار عدم وجود وقف فعال لإطلاق النار يهدد استقرار المنطقة مع خطر التصعيد مع استمرار الأعمال العدائية” (S/2022/733، الفقرة 89).

ولذلك، ليس هناك أي شك في أن دولة الاحتلال المغربي قد انتهكت ونسفت وقف إطلاق النار لعام 1991 مع الإفلات التام من العقاب، وأنها هي المسؤولة الوحيدة عن العواقب المتعددة الناجمة عن استمرار انتهاكها بما في ذلك العواقب التي تؤثر على وجود وعمل بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) في الإقليم.

وهذه هي الحقيقة التي لا جدال فيها والخلفية الرئيسية والسبب الجذري لما يحدث في منطقة مسؤولية المينورسو ووجود “البيئة العملياتية والسياسية المتغيرة تغيرا جذريا” (S/2022/733، الفقرة 101) التي تعمل فيها البعثة. 

وتهيب جبهة البوليساريو بأعضاء مجلس الأمن أن يضعوا في اعتبارهم هذه الحقيقة الثابتة عندما يجتمعون للتداول بشأن تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) في الأيام المقبلة. 

ومما لا شك فيه أن الإشارات إلى “استئناف الأعمال العدائية ” و “شن غارات جوية وإطلاق نار عبر الجدار الرملي” (S/2022/733، الفقرة 89) وكذلك “ال 18 غارة المُبلغ عنها التي شنتها طائرات بدون طيار تابعة للجيش الملكي المغربي شرق الجدار الرملي” التي وثقتها المينورسو (S/2022/733، الفقرة 41)، من بين أمور أخرى، تفضح جميع الأكاذيب والدعاية الكاذبة لدولة الاحتلال المغربي التي هي في حالة إنكار مستمرة بشأن الواقع المرير للحرب العدوانية التي أشعلت فتيلها. 

السيد الأمين العام،

منذ انتهاكها لوقف إطلاق النار في 13 نوفمبر 2020 تستخدم قوات الاحتلال المغربي جميع أنواع الأسلحة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار، لقتل بلا رحمة ليس فقط عشرات المدنيين الصحراويين، ولكن أيضا المدنيين من البلدان المجاورة أثناء عبورهم للأراضي الصحراوية المحررة. وعلى مدى العامين الماضيين، تشير التقديرات إلى مقتل 24 مدنيا، من بينهم صبي يبلغ من العمر 15 عاما، وإصابة 12 آخرين جراء هجمات الطائرات بدون طيار المغربية. كما دمرت الغارات الجوية المغربية ست وعشرين سيارة مدنية وشاحنة ثقيلة. 

وعلى الرغم من انهيار وقف إطلاق النار والاتفاقات العسكرية ذات الصلة، تواصل جبهة البوليساريو إتاحة الوصول الميسَّر للمراقبين العسكريين التابعين للمينورسو، وبمساعدة خبراء دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، لغرض زيارة وتوثيق كل موقع من مواقع الغارات التي تشنها الطائرات بدون طيار المغربية التي تستهدف المدنيين في الأراضي الصحراوية المحررة.

ويشكل الاستهداف المتعمد للمدنيين والأهداف المدنية جريمة حرب تماشيا مع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. كما أنه يشكل انتهاكا لقواعد القانون الإنساني الدولي المنطبقة في النزاعات المسلحة الدولية، بما في ذلك مبدأ التمييز وحظر الهجمات العشوائية والعنف أو التهديد بالعنف الذي يتمثل الغرض الأساسي منه في نشر الرعب بين السكان المدنيين. ومع ذلك، فإن التقرير يقدم سردا سطحيا لعشرات الغارات الجوية التي شنتها قوات الاحتلال المغربي ضد المدنيين الصحراويين وغيرهم من البلدان المجاورة.

فعلي سبيل المثال يشير التقرير (S/2022/733، الفقرة 4) إلى أن “المينورسو واصلت أخذ العلم بالتقارير التي تفيد بوقوع غارات شنتها طائرات بدون طيار تابعة للجيش الملكي المغربي شرق الجدار الرملي”. ومع ذلك، “لم تتمكن المينورسو من التأكد بشكل مستقل من وقوع إصابات إلا في مناسبة واحدة، في 16 نوفمبر 2021 في منطقة ميجك. وبالإضافة إلى ذلك، لاحظت المينورسو آثار رفات بشرية في أربعة مواقع أخرى”.

ويذكر التقرير (S/2022/733، الفقرة 5) كذلك أنه “في 2 نوفمبر أخذت البعثة علما بتقارير إعلامية تشير إلى وقوع غارة جوية في بئر لحلو استهدفت شاحنتين جزائريتين مما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين جزائريين، حسبما ورد. وتشير ملاحظة البعثة إلى أن الشاحنتين كانتا تنقلان الوقود وأن الضرر نجم عن انفجار قذيفة جو-أرض وما نجم عن ذلك من حريق”. ومع ذلك، فإن التقرير لا يحدد دولة الاحتلال المغربي باعتبارها المسؤولة عن الهجوم الجوي وغيره من الهجمات الإجرامية على المدنيين وغيرهم، ويترك المرء أمام سلسلة من الغارات الجوية “المجهولة المصدر” التي تحدث هكذا.

ويشير التقرير (S/2022/733، الفقرة 63) إلى “حادث وقع في 2 أغسطس دُمرت خلاله شاحنة مياه تابعة لجبهة البوليساريو كانت تُستخدم لتزويد البعثة بالمياه بسبب ما قيل إنه غارة جوية (ذخيرة جو-أرض) بالقرب من موقع فريق المينورسو في أغوينيت”، مما تسبب في انقطاع إمدادات الوقود إلى كل مواقع أفرقة البعثة “شرق الجدار الرملي”. بيد أن التقرير يلتزم الصمت بشأن الطرف المسؤول عن الهجوم الإجرامي، أي قوات دولة الاحتلال المغربية، وعن عواقبه على عمليات الإمداد التي تقوم بها المينورسو. 

وعلاوة على ذلك، فإن التقرير (S/2022/733، الفقرة 63) يقول بوضوح على أنه “في 24 أغسطس، كتب الجيش الملكي المغربي إلى المينورسو لينقل تأكيداته “بشكل استثنائي” “لمرة واحدة فقط”، لإعادة تزويد جميع مواقع الأفرقة الخمسة الواقعة شرق الجدار الرملي بالوقود”. وما يعنيه هذا هو أن المدنيين الصحراويين والأصول المدنية التي توفر المياه والديزل وغيرها من الإمدادات إلى مواقع فرق المينورسو في الأراضي الصحراوية المحررة يمكن أن تكون هدفا لقوات دولة الاحتلال في أي وقت، حتى لو كانت برفقة دوريات البعثة. وليس من الصعب تخيل العواقب المتوقعة لهذه الهجمات على استدامة مواقع أفرقة المينورسو هناك في الأمدين القريب والبعيد. 

وتدعي دولة الاحتلال المغربي أنها “لم تستهدف قط، ولن تستهدف أبدا المدنيين، لا المواطنين الجزائريين أو الجنسيات الأخرى” (S/2022/733، الفقرة 6). لكن الحقيقة هي أن نفس دولة الاحتلال هي التي ادعت من قبل أن هناك “غيابا تاما لأي نزاع مسلح” (S/2021/843، الفقرة 16)، وهو، كما تبين لاحقا، ادعاء لا أساس له من الصحة تفضح زيفه حتى التقارير القليلة المبينة في التقرير. 

السيد الأمين العام،

وفيما يتعلق بالأنشطة السياسية، يشير التقرير (S/2022/733، الفقرة 27) إلى أن دولة الاحتلال المغربي أبلغت مبعوثه الشخصي بأنه “لن يكون من الممكن له الاجتماع بممثلي المجتمع المدني والمنظمات النسائية بمناسبة هذه الزيارة الأولى” إلى الصحراء الغربية، التي كانت الأمم المتحدة قد أعلنت عنها رسميا. والحقيقة هي أن دولة الاحتلال منعت المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية من زيارة الإقليم من خلال وضع مجموعة من الشروط المسبقة بشأن المكان الذي ينبغي أن يذهب إليه ومع من ينبغي أن يلتقي به خلال زيارته للصحراء الغربية التي هي منطقة ولايته كما هو مُحدد في اسمه كمبعوث شخصي للأمين العام إلى الصحراء الغربية.

ولذلك، ينبغي إدانة أساليب العرقلة والمراوغة التي تستخدمها دولة الاحتلال المغربي لمنع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية من زيارة الإقليم لأن ذلك يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن دولة الاحتلال ليس لديها إرادة سياسية لتسهيل مهمة المبعوث الشخصي والانخراط البناء في عملية السلام التي تضطلع بها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية. 

ويذكر التقرير (S/2022/733، الفقرة 60) أن “ممثلي الخاص ظل غير قادر على الاجتماع بممثلي جبهة البوليساريو في الرابوني تماشيا مع الممارسة المتبعة”.

وعلى الرغم من انهيار وقف إطلاق النار والاتفاقات العسكرية ذات الصلة، تستمر جبهة البوليساريو في التواصل مع المينورسو على مستويات عديدة، وما زلنا ملتزمين بالتعاون مع البعثة في الوفاء بولايتها على النحو الذي حدده مجلس الأمن. بيد أننا لا نقبل ألا تتمكن القيادة المدنية والعسكرية للمينورسو من الاجتماع مع جبهة البوليساريو في أي مكان داخل حدود الإقليم بسبب الخوف من الأعمال الانتقامية من جانب دولة الاحتلال المغربي واستمرار سياسة الابتزاز التي تنتهجها هذه الأخيرة بشأن هذه المسألة. 

وعلاوة على ذلك، فإن الفكرة القائلة بأن جبهة البوليساريو لا يمكنها الاجتماع مع قيادة المينورسو في إقليمنا الذي لا تعترف الأمم المتحدة بأي سيادة مغربية عليه لأن ذلك “سيشكل اعترافا بسيطرة جبهة البوليساريو على الإقليم الواقع شرق الجدار الرملي” (S/2018/889، الفقرة 52) هي فكرة مدانة وتعتبر تواطؤا مع موقف دولة الاحتلال المغربي. وبالمحصِّلة، ومن باب الحجة، إذا كان لقاء قيادة جبهة البوليساريو في الأراضي الصحراوية المحررة سيفسر بهذه الطريقة، فمن المؤكد أن لقاء المسؤولين المغاربة في العيون—عاصمة الصحراء الغربية المحتلة—أو في أي مكان آخر في الإقليم سيكون بمثابة اعتراف بضم المغرب غير القانوني لأرضنا. 

إن منطقة مسؤولية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، التي تشمل إقليم الصحراء الغربية داخل حدودها المعترف بها دوليا، محددة بوضوح بموجب الاتفاقات ذات الصلة التي قبلها الطرفان وصادق عليها مجلس الأمن. ولهذا السبب، فمن المعلوم أن ممثلين خاصين للأمين العام سابقين، بمن فيهم السيد صاحب زاده يعقوب خان من باكستان، والسيد جوليان هارستون من المملكة المتحدة، والسيد فولفغانغ فايسبرود-فيبر من ألمانيا، من بين آخرين، قد زاروا الأراضي المحررة بالصحراء الغربية وعقدوا اجتماعات مع كبار المسؤولين في جبهة البوليساريو أساسا في التفاريتي بالإضافة إلى مواقع أخرى. وتبين هذه الحقيقة أن الحجة التي يتكرر الاستشهاد بها بشأن “الممارسة المتبعة” (S/2022/733، الفقرة 60) تجانب الصواب ولا يمكن الدفاع عنها وبالتالي فهي غير مقبولة. 

ويشير التقرير (S/2022/733، الفقرة 67) إلى أن “عدم تمكن البعثة من الوصول إلى المحاورين المحليين غرب الجدار الرملي وشرقه لا يزال يحد بشدة من قدرتها على جمع معلومات موثوقة عن الوعي بالحالة السائدة بشكل مستقل وتقييم التطورات في جميع أنحاء منطقة مسؤوليتها والإبلاغ عنها”. ويشير التقرير كذلك إلى أن “اشتراط المغرب على البعثة استخدام لوحات أرقام المركبات المغربية غرب الجدار الرملي، في انتهاك لاتفاق مركز المينورسو، إلى جانب ختم المغرب لجوازات سفر البعثة، لا يزال يؤثر أيضا على تصور السكان المحليين لحياد البعثة”.

بيد أن الإشارة إلى عدم تمكن البعثة من الوصول إلى المحاورين المحليين “شرق الجدار الرملي”، أي في الأراضي المحررة من الصحراء الغربية، هي فكرة جديدة مثيرة للاستغراب ولا أساس لها من الصحة. لقد ذكر تقرير الأمين العام للعام الماضي (S/2021/843، الفقرة 61) أن “عدم تمكن البعثة من الوصول إلى المحاورين المحليين غرب الجدار الرملي لا يزال يحد بشدة من قدرتها على جمع معلومات موثوقة عن الوعي بالحالة السائدة بشكل مستقل وتقييم التطورات في جميع أنحاء منطقة مسؤوليتها والإبلاغ عنها” (الحرف الاسود مُضاف). وفي غياب أي دليل في تقرير هذا العام، من الصعب بالتالي فهم سبب هذا التغيير “المفاجئ” في تقييم إمكانية وصول البعثة إلى المحاورين المحليين في منطقة مسؤوليتها.

وفيما يتعلق ب “تدابير بناء الثقة”، يشير التقرير (S/2022/733، الفقرة 76) إلى أن المبعوث الشخصي، بعد أن أثار مسألة تدابير بناء الثقة مع المحاورين المعنيين، “أخذ علما بأن أيا من محاوريه لم يعرب عن اهتمامه الفوري بمواصلة العمل بشأن هذه المسائل”. والحقيقة هي أن جبهة البوليساريو أوضحت للمبعوث الشخصي رؤيتها لمفهوم تدابير بناء الثقة في هذا السياق وأعربت عن استعدادها للمشاركة في النقاش على هذا الأساس. إن الطرف الآخر هو الذي أعلن رسميا في مناسبات عديدة أنه غير راغب في مناقشة أي تدابير لبناء الثقة. لذلك، يجب ذكر الحقيقة دون التعميمات المُطلقة والغموض.

السيد الأمين العام،

وفيما يتعلق بحقوق الإنسان، يشير التقرير (S/2022/733، الفقرة 77) إلى أن “المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان لم تتمكن من القيام بأي زيارات إلى الصحراء الغربية للسنة السابعة على التوالي على الرغم من الطلبات المتعددة وقرار مجلس الأمن 2602 (2021) الذي يشجع بقوة على تعزيز التعاون”. ومرة أخرى فإنه لا يتم تحميل دولة الاحتلال المغربي المسؤولية عن عرقلة عمل هيئات الأمم المتحدة وعن منعها مرارا وتكرارا من دخول الإقليم. 

إن الانتهاكات القليلة المبينة في التقرير لا تعكس الخروقات الممنهجة لحقوق الإنسان التي ترتكبها سلطات الاحتلال المغربية ضد المدنيين الصحراويين والمدافعين عن حقوق الإنسان بعيدا عن المراقبة الدولية بسبب استمرار الحصار العسكري والتعتيم الإعلامي المفروض على الصحراء الغربية المحتلة. 

وبالتالي، فإنه بات من الضروري توسيع ولاية المينورسو لتشمل عنصراً لحقوق الإنسان ليمكن من “رصد حالة حقوق الإنسان على نحو مستقل ونزيه وشامل ومطرد” (S/2022/733، الفقرة 100) في منطقة مسؤولية البعثة، كما دعا إلى ذلك الأمين العام مراراً وتكراراً في تقاريره السابقة.

ولا يزال وضع مجموعة أكديم إزيك، المبين باقتضاب في التقرير (S/2022/733، الفقرة 80)، مثيرا للقلق بسبب الظروف المزرية التي يحتجزون فيها في سجون دولة الاحتلال المغربي والممارسات المهينة والانتقامية التي يتعرضون لها من قبل إدارة السجون المغربية. إننا ندعوكم مرة أخرى إلى التحرك العاجل لإنهاء معاناة جميع السجناء السياسيين الصحراويين وعائلاتهم وضمان الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم حتى يتمكنوا من العودة إلى وطنهم ولم شملهم مع عائلاتهم.

إن المغرب هو السلطة القائمة بالاحتلال في الصحراء الغربية وفقا لقراري الجمعية العامة 34/37 المؤرخ 21 نوفمبر 1979 و 35/19 المؤرخ 11 نوفمبر 1980، من بين قرارات أخرى. إن التقريرين المقدمين إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان من قبل دولة الاحتلال “بشأن نموذج التنمية في الصحراء الغربية” (S/2022/733، الفقرة 82) ومن المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب “الذي [يدعى أنه] يغطي قضايا حقوق الإنسان في الصحراء الغربية” (S/2022/733، الفقرة 81) على التوالي غير مقبولين ولا يمكن الاستشهاد بهما في تقرير الأمين العام عن الصحراء الغربية، ليس فقط لافتقارهما التام للمصداقية، ولكن أيضا لأنهما يمثلان انتهاكا للوضع القانوني للإقليم بوصفه إقليما خاضعا لتصفية الاستعمار لا تمارس عليه دولة الاحتلال أي سيادة. 

وفي الفقرة 13، يشير التقرير إلى تغير موقف الحكومة الإسبانية فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية المتعارض تماما مع الشرعية الدولية والذي قررت جبهة البوليساريو بسببه تعليق اتصالاتها مع الحكومة الإسبانية الحالية. ويذكر التقرير (S/2022/733، الفقرة 18) أن عدة بلدان افتتحت بشكل غير قانوني ما يسمى ب “القنصليات العامة” في مدينة الداخلة في الصحراء الغربية المحتلة بتواطؤ من دولة الاحتلال المغربي. 

ومع ذلك، فالتقرير لسبب غير مفهوم يلتزم الصمت التام بشأن الحكم الصادر في 29 سبتمبر 2021 عن المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي الذي عُمِمَ ملخصه بوصفه وثيقة من وثائق مجلس الأمن (S/2021/979). كما يلتزم التقرير الصمت إزاء العديد من البلدان التي استأنفت علاقاتها الدبلوماسية مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية خلال الفترة المشمولة بالتقرير. إن هذا العرض غير المتوازن ل “التطورات الأخيرة” غير مقبول وينبغي تصحيحه في التقارير المقبلة. 

وعند الحديث عن الاتحاد الأفريقي، فإن التقرير (S/2022/733، الفقرة 84)، وللمرة السادسة على التوالي، يتقاعس عن إبلاغ مجلس الأمن بأن دولة الاحتلال المغربي لا تزال ترفض السماح لبعثة مراقبي الاتحاد الأفريقي بالعودة إلى الصحراء الغربية واستئناف تعاونها مع المينورسو. 

السيد الأمين العام،

عند الإشارة إلى الأنشطة التنفيذية، يتطرق التقرير (S/2022/733، الفقرة 37) إلى القضايا المتصلة بعمل المينورسو في الأراضي الصحراوية المحررة بما في ذلك العمليات البرية ورحلات التموين بطائرات الهليكوبتر والقوافل البرية اللوجستية والصيانة.

بيد أن التقرير لا يذكر ولا يعترف بالجهود التي تبذلها جبهة البوليساريو تجاه المينورسو وسلامة وأمن المراقبين العسكريين المتمركزين في مواقع الأفرقة في الأراضي المحررة من الصحراء الغربية، على الرغم من انهيار ونسف وقف إطلاق النار وظروف الحرب.

وفي هذا الصدد، وبغية الإسهام في التخفيف من الآثار على البعثة وامتثالا لقواعد القانون الإنساني الدولي المنطبقة في النزاعات المسلحة الدولية، ما فتئنا نبذل قصارى جهدنا، في ظل أصعب الظروف، لتأمين المرور الآمن، على أساس منتظم، لرحلات البعثة الجوية للقيام بتناوب القوات وإيصال الإمدادات إلى مواقع أفرقة البعثة في أراضينا المحررة والقيام بدوريات ربط برية ودوريات صيانة وإجراء عمليات إجلاء طبي عاجلة عند الحاجة. وما فتئنا نوفر المياه ووقود الديزل لمواقع أفرقة البعثة وسنواصل مساعدة البعثة قدر الإمكان. 

في الملاحظات والتوصيات، يشير التقرير (S/2022/733، الفقرة 89) إلى أن “التوغلات اليومية في الشريط العازل المتاخم للجدار الرملي والأعمال القتالية بين الطرفين في هذه المنطقة تنتهك مركزها كمنطقة منزوعة السلاح ينبغي أن تظل بدلا من ذلك حجر الزاوية في حل سلمي لحالة الصحراء الغربية”.

إن هذا التصريح يغفل مرة أخرى تماما تطور الوضع على الأرض والأثر الكبير لذلك على عمليات البعثة في الأراضي الصحراوية المحررة ولا يفي بحق موقف جبهة البوليساريو في هذا الصدد. وكما أشرنا بوضوح في رسالتنا (S/2021/980)، فإن وقف إطلاق النار لعام 1991 والاتفاقات العسكرية ذات الصلة، بما في ذلك الاتفاق العسكري رقم 1، لم يعد ساري المفعول منذ 13 نوفمبر 2020 بسبب العمل العدواني الخطير الذي قامت به دولة الاحتلال المغربي على الأراضي الصحراوية المحررة واحتلالها غير الشرعي لمزيد من الأراضي الصحراوية. 

وفي مواجهة العمل العدواني المغربي وتقاعس الأمم المتحدة التام، أعلنت جبهة البوليساريو، بموجب مرسوم رئاسي مؤرخ 13 نوفمبر 2020، أنها لم تعد مُلزمة بوقف إطلاق النار لعام 1991 والاتفاقات العسكرية ذات الصلة والالتزامات الناشئة عنها. كما أعلنت أنها تستأنف كفاحها المسلح المشروع دفاعا عن النفس (S/2021/843، الفقرة 15)، تماشيا مع قرار الجمعية العامة 3314 (د-29) والقرارات الأخرى ذات الصلة. 

من الواضح أن الإشارة إلى “الشريط العازل” و “انتهاك مركز المنطقة المجردة من السلاح” و “حرية حركة المراقبين العسكريين التابعين للمينورسو” و “القوافل البرية” تعطي انطباعا بأن الأمانة العامة للأمم المتحدة لا تزال تتعامل مع الوضع على الأرض في الصحراء الغربية وكأن شيئا لم يحدث. وهذا أمر غير مقبول ومضلل أيضا. 

وتوخيا للشفافية والحياد، نحث مرة أخرى الأمانة العامة للأمم المتحدة وجميع أصحاب المصلحة الآخرين على الإدراك التام لحقيقة أنه فيما يتعلق بجبهة البوليساريو فإن وقف إطلاق النار لعام 1991 والاتفاقات العسكرية ذات الصلة والالتزامات الناشئة عنها لم تعد سارية المفعول منذ 13 نوفمبر 2020، وذلك راجع لأسباب المذكورة سلفا. 

إن استمرار دولة الاحتلال المغربي، التي لا تزال تنكر بوقاحة استئناف الأعمال العدائية، في التعهد “بالتزامها” ب “وقف إطلاق النار” (S/2021/843، الفقرة 23) الذي نسفته هي نفسها مع الإفلات التام من العقاب لا يمكن أن يخفي حقيقة أن وقف إطلاق النار لعام 1991 قد نُسِفَ تماما مع عواقب وخيمة على مهمات وعمليات بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) وعلى عملية الأمم المتحدة للسلام برمتها. 

في الملاحظات والتوصيات، يلاحظ التقرير (S/2022/733، الفقرة 90) أن “الأمم المتحدة لا تزال مستعدة لعقد اجتماع لجميع المعنيين بقضية الصحراء الغربية بحثا عن حل سلمي”. وتذكر جبهة البوليساريو بأن طرفي النزاع في الصحراء الغربية هما جبهة البوليساريو والمغرب، وتؤكد من جديد أنها لا تزال مستعدة للتعاون مع الأمين العام ومبعوثه الشخصي بغية التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم لإنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية.

وعلاوة على ذلك، يشير التقرير (S/2022/733، الفقرة 90) إلى أن “الإرادة السياسية القوية مطلوبة لإيجاد حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين يكفل تقرير مصير شعب الصحراء الغربية وفقا للقرارات 2440 (2018) و 2468 (2019) و 2494 (2019) و 2548 (2020) و 2602 (2021)”. وفي الفقرة 101، يشير التقرير كذلك إلى أن “بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية تمثل التزام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتحقيق حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين للنزاع في الصحراء الغربية وفقا للقرارات 2440 (2018) و 2468 (2019) و 2494 (2019) و 2548 (2020) و 2602 (2021)”.

وكما أكدنا في رسالتنا (S/2021/980)، فإن المبادئ التوجيهية لمجلس الأمن بشأن طبيعة حل النزاع في الصحراء الغربية الذي أنشئت من أجله بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية في عام 1991 لا ترد فقط في قرارات مجلس الأمن المذكورة أعلاه. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مجلس الأمن هو الجهاز الذي أنشأ، تحت سلطته، بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية وولايتها بموجب قراره 690 (1991)، ومنذ ذلك الحين دأب المجلس على التذكير بجميع قراراته السابقة بشأن الصحراء الغربية وأعاد تأكيدها، بما في ذلك قراره الأخير 2602 (2021).

وتذكر جبهة البوليساريو بقرارها المؤرخ 30 أكتوبر 2019 بخصوص إعادة النظر في مشاركتها في عملية السلام ككل وبتأكيدها على أنها لن تقبل أبداً أو تدعم أي مقاربة تنحرف عن خطة التسوية التي قبلها الطرفان أو تسعى إلى تجاوز الطبيعة القانونية لمسألة الصحراء الغربية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة كقضية تصفية استعمار. 

وفي هذا الصدد، تؤكد جبهة البوليساريو بقوة أنها لن تشارك في أي عملية سلام تستند بشكل حصري إلى قرارات مجلس الأمن المذكورة أعلاه أو إلى أي تفسير انتقائي ومختزل لهذه القرارات الذي لا تدعمه قرارات مجلس الأمن ككل لا يتجزأ ولا نص وروح خطة التسوية التي تقوم عليها ولاية المينورسو وسبب وجودها.

السيد الأمين العام،

إن “الدبلوماسية الهادئة” و “الغموض المدمر”، إن جاز التعبير، أداتان خطيرتان وخاصة عندما يكون هناك الكثير على المحك وعندما لا يؤدي التقاعس وعدم الحزم في هذه الحالة إلا إلى تشجيع المعتدي على الاستمرار في عدوانه وتحديه. وكما سبقت الإشارة، فإن الخرق الذي ارتكبته دولة الاحتلال المغربي في 13 نوفمبر 2020 وعدوانها المستمر على الشعب الصحراوي هو حقيقة لا جدال فيها وهو الخلفية الرئيسية والسبب الجذري لما يحدث في المنطقة الخاضعة لمسؤولية المينورسو.

وتهيب جبهة البوليساريو مرة أخرى بأعضاء مجلس الأمن أن يضعوا في اعتبارهم هذه الحقيقة الثابتة عندما يجتمعون للتداول بشأن تجديد ولاية المينورسو في الأيام المقبلة. 

إن الخرق المغربي لا يسقط بالتقادم ويجب محاسبة دولة الاحتلال على ذلك. ولذلك، لا ينبغي لأحد أن يتوهم أن عملية سلام حقيقية وذات مصداقية يمكن أن تبدأ وتتقدم في الصحراء الغربية دون وضع حد للإفلات من العقاب الذي سُمِحَ به لدولة الاحتلال المغربي بتقويض خطة التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية وعرقلة استفتاء تقرير المصير وفي نهاية المطاف خرق وقف إطلاق النار لعام 1991 وإقحام المنطقة في دوامة أخرى من العنف وعدم الاستقرار.

وفي الختام، تؤكد جبهة البوليساريو من جديد التزامها بالمساهمة في التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم لإنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية وفقا لمبادئ الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ذات الصلة وعلى أساس الولاية التي أنشئت من أجلها بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو). 

وأرجو ممتناً توجيه انتباه أعضاء مجلس الأمن إلى هذه الرسالة.

وتقبلوا، السيد الأمين العام، أسمى عبارات التقدير والاحترام.

إبراهيم غالي
رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية
الأمين العام لجبهة البوليساريو. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى