بين رشوة القمح في البيرو وصفقة الفوسفاط في كينيا، «البوريطية» تضحك على نفسها!
يظهر أن قضية الصحراء الغربية أصبحت صداع رأس مستدام للمغاربة، ففي كل مرة تزف لهم إنتصارات دبلوماسية جديدة على البوليساريو تكذبها الوقائع على عجل. دبلوماسية الإستباق والمباغتة مصحوبة بالرشاوي والهدايا في مناسبات الدول المنشغلة بترتيب بيتها الداخلي كما وقع في البيروأمس وكينيا اليوم، هي دبلوماسية تفنن في إتقانها و ممارستها “الىسي بوريطة” وقد أعطت نتائج أبهرت الجميع: “تغريدة تويترية” سريعا ما تذوب و تختفي.
في مقال سابق تمت الإشارة الى أن العلاقات الدبلوماسية بين الدول تربطها بروتوكولات و إجراءات محددة لايمكن تجاوزها و أن موقفا شخصيا أوكلاما في الهواء أو تغريدة في وسائل التواصل الإجتماعي لاتعني أي شيئ و هذا ما نصت عليه وثيقة وزارة الخارجية الكينية بوضوح في فقرتها الرابعة ” إن السياسة الخارجية الكينية لا تتم عبر تغريدات فى موقع تويتروإنما من خلال الوثائق الرسمية والاطارات التنظيمية “وأضافت: “ان موقف كينيا يتطابق مع موقف منظمة الوحدة الأفريقية التي قبلت بإنضمام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كعضو كامل وهذا يتطابق مع الحق الاكيد غير القابل للتصرف فى تقرير المصير و مع القانون التأسيسى للإتحاد الأفريقي و قرارات قممه حول الجمهورية الصحراوية”. إن هذا الموقف العلني والصريح الذي عبرت عنه وزارة الخارجية الكينية ووزع على كافة إمتداداتها الدبلوماسية في العالم والى بعض الجهات الأجنبية زكاه و أكده بعد ذلك نائب الرئيس في لقائه المتلفز مع “تيفي نيوز” الكينية.
هكذا لم يحصل بوريطة و جوقته سوى على تغريدة يتيمة كسابقاتها يلهي بها المغاربة حتى الحصول على أخرى، لكن الأهم و الأخطر هو تبذير أموال وأرزاق الشعب المغربي المغلوب على أمره حيث تروج الصحافة المحلية الكينية أمرا غريبا عجيبا، مفاده ان وزير خارجية المملكة المغربية تعهد بتزويد بلاده، لجمهورية كينيا بأطنان ضخمة من الفوسفاط ستنقل عبرالبواخر من المواني المغربية!؟ وذكَّرت الصحف في إشارة الى عدم وضوح هذه الصفقة أن الشكوك تحوم حولها، ذكَّرت بما كشفته الصحافة البيروفية سابقا من صفقة قمح مزعومة صُرفت أموالها لوزير خارجية هذا البلد الذي طرد مباشر بعد ذلك من طرف رئيس البيرو. كل هذا دون إغفال عديد التقارير التي تفضح للراي العام المغربي و الدولي مرتكزات الدبلوماسية «البوريطية» ونذكر في هذا المقام بمضمون التقرير- الفضيحة الذي فجره موقع “ماروك اونلاين” بالأدلة و القرائن بالوثائق و الصورمع ذكر أسماء الأشخاص و الدول حول المبالغ المالية الكبيرة التي وظفها المخزن لشراء المواقف ودعم أحتلاله للصحراء الغربية و كان “موقع الصحرائ24” قد نشر أمس النص الكامل لهذا التقرير الذي يمكن الرجوع اليه.
إن الشطحات «البوريطية» وما يرافقها من تطبيل و تزمير والدعاية المجانية لشخص وزير الخارجية وكأنه بطل زمانه فهي في الحقيقة اسلوب تجاوزه الزمن بغرض شغل بال الرأي المغربي عن همومه اليومية وعن “تامارة” التي يعيش فيها. فالمغرب صنف مؤخرا في مؤخرة دول العالم في التنمية البشرية ورائه فقط الصومال و العراق و ليبيا دون الحديث عن رهن المغرب و مستقبل اجيالها بمديونية لاسابق لها.
إن على المغاربة الإستغناء عن ” نظارة ” الملك التي يرى بها العالم و يبحثوا عن نظارة أخرى يرون بها الجحيم الذي يكتوون بناره صباح مساء القمع، الإعتقال، التعذيب، البطالة، الفقر، اللأمن، المخدرات، التفسخ الأخلاقي، الإنحطاط التربوي ،تفكك الأسر ثم التصهين و بيع الأرض و العرض المغربين للأجنبي. أما موضوع الصحراء فتلك مشكلة العرش و ليست مشكلة المغاربة، فالملك وباطرونات المال هم المستفيدون وحدهم من ديمومة هذا النزاع و إبعاد ايجاد حل له.
إن أكثرمن أربعة عقود لم يستطع فيها المغرب طي ملف الصحراء الغربية لدليل أن للبيت رب يحميه والشعب الصحراوي ممثلا في جبهة البوليساريو لا يمكن أن يثنيه أي شيء عن تحقيق أهدافه و ترسيخ الجمهورية الصحراوية التي أكد الموقف الكيني اليوم وبالأمس القريب البيروفي وقبله الكولمبي و التونسي أنها حقيقة أراد من أراد و كره من كره.
فلا صفقات الفوسفاط ولا بواخر القمح! و لا ضخ الرشاوي المالية في جيوب المرتشين ستغير من الواقع الصحراوي شيئا. فكفى ل«البوريطية» من الضحك على ضقون المغاربة المساكين.
بقلم: محمد فاضل محمد سالم الهيط